للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد لا يكون الواحد منهم يحسن رواية واحدة من طريق واحد، فكيف بالقراءات العشر المتواترة بالروايات والطرق المتعددة، فأي تغيير في بعض الحروف يلزم منه تغيير في بعض وجوه هذه القراءات، وإن لم يظهر لنا ذلك في بعضها الآخر.

من المعلوم لدى علماء القراءات أن تغيير حرف من رسم القرآن غالبا ما يؤدي إلى تغيير في نص القرآن، إما بتغيير في بنية الكلمة يترتب عليه تحريفها، أو تغيير في الوقف، أو ربّما أدّى إلى إسقاط قراءة منزلة.

فكتابة «ملك» بألف بعد الميم يسقط القراءة بحذف الألف وهي متواترة.

كما أنه لو كتبت: «امرأت» و «رحمت» و «نعمت» في مواضعها المفتوحة بالهاء لتغير حكم الوقف عليها.

ومثلها لو حذفت الألف في الخط من قوله عز وجل: الظنونا (الأحزاب: ١٠) والرّسولا (الأحزاب: ٦٦) والسبيلا (الأحزاب: ٦٧) لسقطت القراءة بالألف، وهي متواترة، فأي تغيير في الرسم في هذه المواضع وأمثالها يؤدي إلى تغيير في القراءة، أو إخلال فيها، أو إسقاط لها.

ولقد عبّر عن هذه الصلة الوثيقة بين القراءة والرسم أبو العباس المهدوي، فقال: «كانت الحاجة إليه كالحاجة إلى سائر علوم القرآن بل أهم، ووجوب تعليمه أشمل وأعم، إذ لا يصح معرفة بعض ما اختلف القرّاء فيه دون معرفته» (١) أي الرسم.


(١) انظر: هجاء مصاحف الأمصار للمهدوي ٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>