ثم إن رسم المصحف لا يخالف قواعد الرسم القياسي إلا في كلمات معينة معدودة لأغراض بلاغية، ومن السهل معرفتها، ووضعت عليها علامات من الشكل والضبط تدل على الحروف المحذوفة التي ينطق بها، وأمارات معينة تدل على الحروف الزائدة التي لا ينطق بها، ونص على ذلك نساخ المصاحف في ذيل آخر كل مصحف إرشادا وتيسيرا للقارئ، بعد التلقي والسماع من المقرئ، لأنه لكل علم أدواته ومبادئه واصطلاحاته التي يجب أن تعلم قبل الإقدام عليه.
ثم إن المبتدئ في أول مراحل التعليم الذي عرف زيادة الألف بعد واو الجمع في نحو:«قالوا»، وحذفها في نحو قوله:«هذا» وشبهه في الرسم القياسي يعرف زيادة ذلك وحذفه في الرسم العثماني، لا فرق بين هذا وذاك.
بل إن علامة الفتحة، والضمة، والكسرة، لا تدل في نفسها على كيفية النطق بها في أول مراحل التعليم، وإنما لما اقترن وضع الحركة على الحرف بكيفية النطق بها تعلمها الصغار، فهي علامة على الكيفية، ولا تدل على الكيفية.
وهذا واضح وجلي من طريقة أبي الأسود الدؤلي في تنقيط المصحف حيث قال لكاتبه: «إذا فتحت فمي فانقط فوق الحرف، وإذا ضممت شفتي فانقط أمامه، وإذا كسرتهما فانقط تحته (١)» فاقترن الخط بالمشافهة بالكيفيات.