للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«كتبوا المواضع الأربعة في جميع المصاحف على الانفصال، وكتبوا سائر ما يرد من مثلها على الاتصال، ليروا جواز الوجهين عندهم، واستعمال المذهبين في عصرهم».

وهكذا اتفقت كلمة العلماء على أن كتبة المصاحف كتبوه على هذه الصفة لعلل وحكم، ولم يبينوا وجوه هذه الحكم.

فتأملت هذا الموضوع كثيرا، وأعملت الفكر عنده طويلا، وسألت الله العون والتوفيق والسداد، فلاح لي بعد طول نظر وتأمل ما عساه أن يكون أوفق للصواب.

من المعروف أن الإيجاز في اللغة العربية، كنز من كنوزها، بل قال بعضهم: «البلاغة الإيجاز» أو «الإيجاز هو البلاغة» (١).

إن الحذف في الرسم العثماني ليس غريبا في لغة العرب، بل إنه سمة من سمات اللغة العربية وخصائصها.

وإذا راجعنا كتاب سيبويه (ت ١٨٠ هـ) نجد أنه نص في مواضع كثيرة على ضرورة الحذف، ويبين السبب الذي ألجأ العرب إليه من طلب الخفة على اللسان، وذكر في كتابه صورا كثيرة للحذف إيجازا واختصارا مع وجود القرينة (٢). ومثله يحيى بن زياد الفراء (ت ٢٠٧ هـ) في كتابه معاني القرآن (٣)، ومثله أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة (ت ٢٧٦ هـ) وغيرهم.


(١) انظر: البيان والتبيين للجاحظ ١١٦١.
(٢) انظر: الكتاب ١/ ٢٤، ٢٥.
(٣) انظر: معاني القرآن ١/ ٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>