وأما ما يتعلق بالقسم الثاني، أي الناحية العلمية، ويتمثل ذلك في أن المؤلف- رحمه الله- فاته عدد كثير من الحروف والكلمات، أغفل ذكرها في مواضعها الأولى، وذكرها في المواضع التي تليها، أو في مواضعها المتأخرة بعد أن يمر على حروف منها. ولم يصرح لا في المتقدم ولا في المتأخر بصيغ تشعر بالتعميم، فأدى ذلك إلى اضطراب وخلط عند نساخ المصاحف والناقلين عنه، فأخذ له بعضهم بالإثبات فيها، لسكوته عنها، وقالوا: إن الأصل الإثبات، وهي من ذوات النظير.
وبناء على ذلك وضع المتأخرون ونساخ المصاحف تقسيما جرى عليه العمل في مصاحف أهل المشرق، وآخر جرى عليه العمل في مصاحف أهل المغرب. وقد وضع ذلك في مذكرة بعض مشايخ هذا العلم بين فيها ما اختلف فيه بين مصاحف المشارقة والمغاربة رسما باعتبار عمل اليوم.
وركّز على ما جرى به العمل في مصاحف أهل المشرق، وفي مصاحف أهل المغرب.
أقول: هذا التقسيم في رسم المصاحف لا يستند على أساس وليس له سند، فقالوا: جرى عمل المشارقة على كذا، وجرى عمل المغاربة على كذا.
هذا التقسيم يجب أن يمحى، ويزال العمل به، إنه حادث لم يكن في القرون التي خلت، فالعمل به مخالف للنص، ويوسع من هوة الخلاف بين المسلمين في مصاحفهم.
ويكون عمل المشارقة أو المغاربة مقبولا إلى حد ما إذا وجد أصل الخلاف، ولم يظهر وجه الترجيح، كأن تختلف المصاحف الأمهات