للمغيرة لأن الله لم يذكر للجدة شيئا حين ذكر أصحاب الفروض فلا بد من زيادة التثبت لتوريثها.
ومما يدل على أنهم لم يردوا خبر الواحد أنهم قبلوا أخبار الآحاد من غير أن تكون من رواية اثنين فأكثر، فقبل أبو بكر خبر:«إنّا معاشر الأنبياء لا نورث»(أخرجه النسائي بهذا اللفظ ومعناه في الصحيحين)، وقبل عمر حديث عبد الرحمن بن عوف في المجوس:«سنوا بهم سنة أهل الكتاب»(رواه مالك والشافعي والبيهقي، وهو معلول، ولكن قال البيهقي: إجماع أكثر المسلمين عليه يؤكده) وقبل خبر توريث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها، وخبره في الحكم إذا نزل الطاعون بأرض، وخبر دية الجنين (أخرجه مسلم)، ونحو ذلك.
ثم إن خبر الاثنين كخبر الواحد لا يرتقي إلى درجة التواتر باتفاق المقسمين للخبر.
وأما الذين منعوا الاستدلال بخبر الآحاد مطلقا فيجاب عن أدلتهم كما يلي:
١ - الآية دلت على النهي عن اقتفاء ما لا نعلم وجوب اتباعه؛ وخبر الآحاد قد أجمع الصحابة والتابعون على وجوب اتباعه، فالعلم بوجوب العمل به حاصل.
أو يقال إن العلم المذكور في الآية ليس المراد به العلم اليقيني الذي لا يحتمل النقيض، بل هو ما يغلب على الظن، وهذا المعنى هو الذي يقصد بالعلم في القرآن كما قال تعالى: فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار، فإن العلم في هذه الآية لا يمكن أن يحمل على ما لا يحتمل النقيض.
٢ - وأما ما ذكروه عن بعض الصحابة من رد لأخبار الآحاد، فالثابت منه لم يكن الرد فيه لكونه خبر آحاد، بل لكونه معارضا لأدلة قطعية أقوى منه،