للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ووجه الاستحسان: أن القياس الظاهر على سباع البهائم معارض بقياس خفي أولى بالاعتبار، وهو أن سباع البهائم حكم بنجاسة سؤرها لاختلاطه بلعابها، ولعابها نجس، وسباع الطير تشرب الماء بمناقيرها والمناقير لا رطوبة فيها فلا تلوث الماء فهي كالدجاج السائب الذي ربما أكل النجاسة بمنقاره فلا يحكم بنجاسة سؤرها وإن كان قد يقال بكراهة استعماله.

٥ - استحسان سنده المصلحة:

ومثاله: الحكم بتضمين الأجير المشترك، وهو الذي لا يعمل لشخص بعينه، بل يقدم خدمة لكل من يحتاجه مقابل أجرة معينة كالصباغ والغسال والخياط.

فالأصل أن الغسال إذا أعطي الثوب ليغسله فتلف عنده من غير تفريط لا ضمان عليه؛ لأن هذا مقتضى عقد الإجارة، ولأنه قبضه بإذن صاحبه فهو مؤتمن عليه، ولكنهم عدلوا عن مقتضى ذلك القياس وقالوا يضمن ما تلف عنده إلا أن يكون تلف بقوة قاهرة ظاهرة كالحريق ونحوه.

وسند هذا الاستحسان المصلحة، وهي المحافظة على أموال الناس من الضياع؛ نظرا لكثرة الخيانة بين الناس وقلة الأمانة. ولو لم يضمن الأجير لامتنع كثير من الناس من دفع أمتعتهم إليه خوفا عليها من الضياع أو التلف أو الخيانة.

٦ - استحسان سنده العرف:

ومثاله: أن الأصل أن من حلف لا يأكل اللحم يحنث بأكل السمك لأنه لحم، فالله قد سماه لحما فقال: ومن كل تأكلون لحما طريا، ولكن قالوا: لا يحنث استحسانا؛ لأن العرف جرى على التفريق بين اللحم والسمك، وأن السمك لا يسمى لحما في العرف، ولا يفهم من إطلاق لفظ اللحم دخول السمك فيه.

<<  <   >  >>