وعلى الأول يكونُ الخاصُّ مخصِّصاً للعامِّ مطلَقاً، ومقدَّماً عليه. وقد تقدّم تمثيلُه في العموم والخصوص.
وكذا يكونُ الأخصُّ من العامَّين مقدَماً على الأعمّ منهما. كما يقدَّمُ حديثُ:«مَن قَتل قتيلاً فله سلَبُه» على عموم قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ}[الأنفال٤١]. مع أن الحديثَ فيه عمومٌ من جهة المستحِقّ للسلَب، ومن جهة السلَب نفسِه، فإنه يشملُ الثيابَ والسلاحَ، ولكنه أخصُّ من الآية فإنها عامّة في جماعة المسلمين، وعامّةٌ من جهة الغنيمة (ما غنمتم). وعند الحنفية أن السلَبَ يُخمَّسُ كسائر الغنيمة، ولا يرون تخصيص الآية بالحديث المذكور.
٢ - ترجيح العامِّ المحفوظ على العامِّ المخصوص:
لأن التخصيصَ يُضعفُ دلالةَ العامِّ، عند المحقّقين من الأصوليين، كإمام الحرمين، وسُليم الرازيّ، والفخر الرازيّ، وابن تيمية، وغيرهم، مثاله: تقديمُ حديث: «إذا دخل أحدُكم المسجدَ فلا يجلسْ حتّى يُصلِّيَ ركعتين»(متفق عليه عن أبي قتادة) على حديث النهي عن الصلاة في الأوقات الخمسة. فالثاني مخصوصٌ بحديث:«مَن نام عن صلاةٍ أو نسيَها، فلْيُصلِّها إذا ذكرها»(متفق عليه عن أنس)، والأول لا يُعرفُ له مخصِّصٌ، فيُقدَّمُ.
٣ - ترجيحُ ما قلّت مخصِّصاتُه على ما كثرت مخصِّصاتُه:
مثالُه: تقديمُ آية: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ}[المائدة٥] على آية: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ}[الأنعام١٢١] في الدلالة على حِلّ ما تركوا التسميةَ عليه من ذبائحهم؛ لأن الآيةَ الأولى