وأما إذا كان الاستثناء من الصفة فيجوز وإن استغرق، ومثاله: إذا قال: أعط من في البيت إلا الأغنياء، فإذا تبين أن من في البيت كلهم أغنياء لا يبطل الاستثناء، وإذا قال: عبيدي أحرار إلا من لم يصل الفجر معنا، فتبين أن عبيده كلهم لم يصلوا الفجر معه، فلا يبطل الاستثناء ولا يعتقون، وهذا لا ينافي كلام العرب.
[الشرط الثالث: أن يكون الباقي بعد الاستثناء أكثر من المخرج به]
وقد اختلف العلماء في هذا الشرط، فذهب بعض العلماء إلى اشتراطه، فأبطلوا الاستثناء إذا كان المستثنى مساويا للباقي أو أكثر منه، وحصر بعضهم الخلاف فيما إذا كان الاستثناء من العدد بالعدد، وأما الاستثناء من الوصف أو بالوصف فيجوز وإن أدى إلى زيادة المستثنى.
واحتجوا بأن أهل اللغة لا يجيزون ذلك، فقال الزجاج: لم يأت الاستثناء إلا في القليل من الكثير، وقال ابن جني: لو قال قائل: مائة إلا تسعة وتسعين ما كان متكلما بالعربية، وإذا كان أهل اللغة لا يعدونه من كلام العرب فلا يحمل عليه كلام المتكلم بهذه اللغة.
والراجح جوازه، والدليل على ذلك:
١ـ أنه قد جاء في القرآن استثناء الأكثر حينما يكون الاستثناء بالصفة لا بالعدد، ومن ذلك قوله تعالى: {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٢) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} [ص٨٢ - ٨٣]، وقال:{إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ}[الحجر٤٢]. فاستثنى في الأولى المخلصين من الغاوين، وفي الثانية استثنى الغاوين ممن لم يتمكن إبليس من إغوائهم، فلا بد أن يكون