للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فنستصحب هذا الحكم الثابت بالإجماع بعد الاستيلاد إلى أن يدل دليل على تغييره.

[حكم العمل بالاستصحاب]

الأنواع الثلاثة الأولى من الاستصحاب حجة عند جمهور العلماء، وما وقع من خلاف بينهم فهو في مسائل جزئية اختلف في صحة الاستدلال به فيها.

وذهب الحنفية في المذهب المشهور عندهم إلى أن الاستصحاب يصلح الاستدلال به في النفي لا في الإثبات، فهو لا يصلح لإثبات حكم مبتدأ، بل يصلح لإبقاء ما كان على ما كان إلى أن يثبت دليل التغيير.

ولأجل ذلك قال الحنفية: إن المفقود الذي لا يعرف أنه حي أو ميت يحكم بحياته استصحابا للأصل، فإن الأصل فيه الحياة؛ لأنها آخر العهد به، وبناء على ذلك فإن ما يملكه من مال يبقى مملوكا له ولا ينتقل إلى الورثة، وزوجته لا تتزوج بغيره، وإجارته لا تنفسخ، وهكذا كل الحقوق التي كانت ثابتة له تبقى كما هي إلى أن يحكم بموته حاكم بعد الانتهاء من مدة الانتظار، ولكن لو مات ابنه أو زوجته مثلا في تلك المدة فإنه لا يرثهما؛ لأن الحكم بحياته حكم اعتباري فلا يثبت له الإرث بمقتضى استصحاب الحال السابقة، وهذا معنى قولهم إن الاستصحاب يصلح حجة للدفع فقط.

وعند الجمهور أنه في مدة الانتظار يوقف له نصيبه حتى يرجع فإن لم يرجع كان كبقية ماله يأخذه ورثته، وقيل يرد إلى ورثة الميت الأول.

والدليل على حجية الأنواع الثلاثة الأولى من الاستصحاب ما يلي:

١ ـ قوله صلى الله عليه وسلم في الرجل يخيل إليه أنه أحدث في الصلاة: «لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا» (متفق عليه من حديث عبد الله بن زيد - رضي الله عنه -).

<<  <   >  >>