إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور ٣٣]، وقد عرف كونه مشعرا بعدم الذم على الترك من جهة أن الكتابة بيع العبد نفسه، وقد استقر في الأفهام أن الله لا يوجب على الإنسان بيع ماله، أو من حال الرسول صلى الله عليه وسلم مع أصحابه؛ فإنه لم يلزم أحدا منهم بمكاتبة عبده.
والتحريم: طلب ترك الفعل طلبا مشعراً بالذم على الفعل. كقوله تعالى:{وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا}[الإسراء ٣٢].
والكراهة: طلب ترك الفعل طلبا مشعرا بعدم الذم على الفعل. كقوله صلى الله عليه وسلم:«لا يمش أحدكم بالنعل الواحدة»، وقد علم إشعاره بعدم الذم من كونه أدبا قصد به عدم تضرر الماشي.
وأما الحكم التخييري فهو: التسوية بين الفعل والترك. كقوله تعالى:{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ}[البقرة ١٨٧].
وأما الحكم الوضعي فهو: خطاب الله بجعل الشيء سببا أو شرطا أو مانعا أو صحيحا أو فاسدا. وسيأتي تعريف كل منها وأمثلته بعد الفراغ من أقسام الحكم التكليفي عند الفقهاء.
[تقسيم الحكم التكليفي عند الفقهاء]
الفقهاء يتكلمون في بيان حكم أفعال العباد، ولذلك جعلوا الحكم صفة لفعل العبد وقسموه إلى خمسة أقسام هي: الواجب، والمندوب، والمحرم، والمكروه، والمباح.
والحنفية زادوا على هذه الأقسام قسمين آخرين هما: الفرض، والمكروه كراهة تحريم.
وسنتكلم عن كل واحد من هذه الأقسام باختصار؛ لأن المقصود من ذكرها معرفة اصطلاحات الفقهاء، والقدرة على تصور الأحكام الشرعية.