وقول عائشة رضي الله عنها: كان فيما أُنزلَ من القرآن عشرُ رَضَعَاتٍ معلوماتٍ يُحرِّمْن، فنُسخن بخمس رَضَعَاتٍ. (أخرجه مسلم).
فالآيةُ تدلُّ على أن الآيةَ تُنسخُ ويأت الله بخيرٍِ منها. والحديث دلَّ على وقوع النسخ.
ولا يختلفُ العلماءُ في ذلك، والحمد لله. وما يذكر من خلاف في بعض كتب الأصول فلا اعتداد به.
وأما اختلافُهم في حقيقة النسخ: أهو بيانٌ أو رفعٌ وإزالةٌ؟ فهو خلافٌ لفظيٌّ لا ثمرةَ له، كما نصَّ على ذلك إمامُ الحرمين وغيره من المحققين.
[شروط الناسخ]
يُشتَرَطُ في الناسخ شروطٌ، هي:
١ - أن يكونَ نصّاً من قرآنٍ أو سنّةٍ، فلا يصحُّ النسخُ بالقياس، ولا بالإجماع، عند جماهير العلماء.
٢ - أن يكونَ النصُّ الناسخُ متأخِّراً عن المنسوخ، وهذا لا اختلافَ فيه؛ لأنه لا يُمكنُ أنْ يكونَ المتقدِّمُ رافعاً للمتأخِّر.
٣ - أن يكونَ الناسخُ في قوَّة المنسوخ أو أقوى منه، فالقرآنُ يُنسخُ بالقرآن، والسنَّةُ تُنسخُ بالسنَّة بالاتّفاق، والقرآن لا يُنسخُ إلاّ بقرآنٍ مثلِه؛ لأن السنّةَ لا يُمكنُ أنْ تكونَ مثلَ القرآن ولا خيرا منه، والله تعالى يقول:{نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا}.
وهذا هو مذهب الشافعي، واختاره بعض أصحابه.
وذهب أكثر الأئمة إلى أن القرآن يمكن أن ينسخ بالسنة المتواترة أو المشهورة،