فتُقذَّمُ روايةُ الفقيه على غيره مطلقاً، أي: سواء أكانت الروايةُ باللّفظ أو المعنى، وتُقدَّمُ روايةُ الأفقه على رواية الأقلِّ فقهاً. وقيل: بل تُقدَّم روايةُ الفقيه إذا كانت الروايةُ بالمعنى دون اللّفظ.
والأول هو الراجح؛ لأن الفقيهَ أقدرُ على نقل اللّفظ والمعنى من غيره، ولأن الفصلَ بين ما رُويَ باللّفظ وما رُويَ بالمعنى ليس بالأمر الهين.
مثالُه: تقديمُ رواية عمر وابنه وابن مسعود وابن عباس على رواية معقِل بن سنان، ونحوه، ممن قلّت مخالطتُهم للرسول صلى الله عليه وسلم والتفقُّه عليه، وكذلك الأمرُ فيمَن بعد الصحابة من الرُّواة، فتُقدَّمُ روايةُ إبراهيم النخعيّ عن علقمةَ عن ابن مسعود، على رواية الأعمش عن أبي وائل عن ابن مسعود؛ فالأعمش وأبو وائل أقلُّ فقهاً من النخعيّ وعلقمةَ.
٣ - كونُ أحدِ الراويين صاحبَ الواقعة أو له صلةٌ قويّةٌ بما رواه:
مثال تقديم رواية صاحب الواقعة: تقديم روايةِ ميمونة رضي الله عنها: تزوجني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ونحن حلالان (رواه أبو داود)، على رواية ابن عباسٍ رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نكحها وهو محرمٌ (متفق عليه).
ومثال تقديم خبر مَن له صلةٌ قويّةٌ تقديمهم لخبر عائشةَ رضي الله عنها: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كان يُصبِح جنباً من غير احتلامٍ، ويصوم (متفق عليه)، على خبر أبي هريرة - رضي الله عنه -: «مَن أصبحَ جنباً فلا صومَ له»(متفق عليه).
٤ - كونُ أحدِ الراويين ممن تأخَّر إسلامُه:
والحجّةُ في تقديم المتأخِّر إسلاماً أن تأخُّرَ إسلامِه دليلٌ على تأخُّرِ حديثه، فيكونُ ناسخاً لما يُعارضه.