ذهب جمهور العلماء إلى أن للعموم ألفاظاً وضعت للدلالة عليه، إذا وردت في الكتاب والسنة أو كلام العرب حملت عليه من غير حاجة إلى قرينة، وهي الصيغ التي سبق ذكرها.
وخالف في ذلك طائفتان:
الأولى: طائفة الواقفية، وفي مقدمتهم القاضي الباقلاني، ونقل عن أبي الحسن الأشعري، الذين زعموا أن تلك الصيغ مشتركة مجملة.
الثانية: أرباب الخصوص، وهم القائلون بحملها على أخص الخصوص.
ونظراً لأن هذين المذهبين ليس لهما أثر واضح في الفروع الفقهية، فلا أطيل بذكر أدلتهم، لكني سأكتفي بإيراد دليلين لكل منهما ثم أبين بطلان كل منهما، وأذكر أدلة الجمهور.
أولاً: الواقفية:
استدلوا بأدلة أهمها:
١ ـ أن هذه الصيغ التي يرى الجمهور وضعها للعموم وردت في نصوص الشرع للعموم تارة وللخصوص تارة، والأصل في الاستعمال الحقيقة، فتكون مشتركة بين المعنيين، والمشترك يجب التوقف فيه حتى ترد القرينة.
٢ ـ أن وضع هذه الصيغ للعموم إما أن يُعرف بنقل أو عقل، أما العقل فلا مدخل له في اللغات، وأما النقل فإما أن يكون تواتراً أو آحاداً، فالتواتر معدوم، وإلا لما خالفناكم، والآحاد لا يكفي في هذه المسألة؛ لكونها من مسائل الأصول التي لا يكفي فيها الظن.
والجواب عن الأول: أن استعمال تلك الصيغ في الخصوص لا يكون إلا