ويظهر أثر الخلاف عند من يقول: إن العام قبل التخصيص قطعي وبعده ظني، فإنه إذا عد العقل مخصصا عد العام المخصوص به ظنيا، وقد رأيت بعض علماء الحنفية الذين ذهبوا إلى التفريق بين العام المخصوص والعام المحفوظ قد جعل المخصوص بالعقل باقيا على قطعيته ما لم يخصص بدليل آخر.
وأما الجمهور فإنهم إذا عدوا العقل مخصصا فإن العام غير المخصوص عندهم أقوى من المخصوص بالعقل أو بغيره من الأدلة.
٣ - النص:
والتخصيص بالنص له صور:
[أـ تخصيص القرآن بالقرآن]
مثاله: تخصيص قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ}[البقرة٢٢٨]، بقوله تعالى:{وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}[الطلاق٤]، فالآية الأولى تفيد أن كل مطلقة عدتها ثلاث حيض، وإذا قيل إنها مخصوصة بالآية الثانية فتخرج الحوامل من العموم، وكذلك خص من عموم المطلقات غير المدخول بها، بقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ}[الأحزاب٤٩].
[ب ـ تخصيص القرآن بالسنة]
مثاله: تخصيص قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ}[النساء١١]، بقوله صلى الله عليه وسلم:«ليس للقاتل شيء»(أخرجه مالك في الموطأ من حديث عمر مرفوعا، وأخرجه أصحاب السنن من حديث أبي هريرة بسند ضعيف، وله طرق يتقوى بها) فأخرج القاتل، وبقوله صلى الله عليه وسلم: «نحن