والراجح: أنه متوجه إلى الجميع ويسقط بفعل بعضهم؛ لرجحان أدلة هذا القول.
وأما استدلال من أوجبه على بعض مبهم بقوله تعالى:{فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ}[التوبة ١٢٢] فيجاب بأن الأمر هنا ليس أمر إيجاب بل ندب واستحباب؛ بدليل أنه جاء بصيغة الحض والترغيب في النفقة.
وأما استدلالهم بأنه يسقط بفعل بعض المكلفين، فيجاب بأنه لا تلازم بين الأمر بالشيء والمخاطبة به، وسقوط الفعل، فإن الواجب العيني لا خلاف في توجه الأمر فيه إلى كل واحد من المكلفين، ومع ذلك يسقط من غير فعل بالنسخ، أو بفوات الوقت المحدد للعبادة عند من يرى ذلك، أو بأخذ الواجب منه دون إذنه، أو بإسقاط صاحب الحق إن كان حقا لآدمي.
وأيضا فإن سقوط الواجب الكفائي بفعل بعض الأمة؛ لأجل أن المقصود من فرضيته إيجاده بغض النظر عن موجده. ومما يدل على صحة هذا القول أنهم لو فعلوه جميعا أثيبوا ثواب الفرض، ولو تركوه جميعا عوقبوا عقاب تارك الفرض.
٤ - انقسام الواجب إلى محدد وغير محدد:
مما يذكره الأصوليون هنا انقسام الواجب إلى محدد وغير محدد.
ويعنون بالمحدد: ما ورد تقديره في الشرع بمقدار ظاهر لكل أحد، كمقادير الزكاة، وأروش الجنايات، ومدة المسح.
ويعنون بغير المحدد: ما طلب فعله من غير تحديد مقداره، مثل الطمأنينة في الركوع والسجود. وهو تقسيم لا يترتب عليه كبير فائدة.