والصواب: جواز تخصيص القرآن والسنة بالقياس الجلي دون الخفي، ونعني بالجلي ما كان بنفي الفارق بين الأصل والفرع، أو منصوصا على علته.
ومثال التخصيص بالقياس الجلي: تخصيص عموم قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ}[النور٢]، بقياس العبد على الأمة والاكتفاء بجلده خمسين جلدة، وذلك أن الأمة ورد النص بأن حدها على النصف من حد الحرة، قال تعالى:{فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ}[النساء٢٥]، فيقاس العبد على الأمة لعدم الفارق بينهما، فيكون حده خمسين جلدة.
والدليل على جواز التخصيص بالقياس الجلي أن الصحابة قد اتفقوا على إلحاق العبد بالأمة في تنصيف الحد، وهو تخصيص بالقياس، وأيضا فإن القياس الجلي بمنزلة النص ولا ينكره إلا مكابر.
[ثمرة الخلاف]
من المسائل المتفرعة على هذا الخلاف ما يلي:
١ـ حكم الجاني إذا لجأ للحرم، قال تعالى:{وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا}[آل عمران٩٧]، فهذه الآية تدل بعمومها على أن كل من دخل الحرم كان آمنا على نفسه، سواء أكان جانيا قبل دخوله أم لم يكن كذلك.
والعلماء اختلفوا فيمن جنى خارج الحرم ثم لجأ إليه، هل يقتص منه في النفس؟ فذهب أبو حنيفة وصاحباه إلى أنه لا يقتص منه داخل الحرم حتى يخرج، وعلى سكان الحرم أن يضيقوا عليه فلا يبايع ولا يؤاكل ولا يجالس؛ ليضطر إلى الخروج من الحرم فيقتص منه، أما الجناية فيما دون النفس فيقتص