هذه المسألة من المسائل الكبيرة في أصول الفقه، وقد اعتنى بها العلماء عناية كبيرة حتى إن بعضهم لا يذكر في باب النهي إلا هذه المسألة.
وقد أفردها العلائي بمؤلف مستقل سماه:«تحقيق المراد في أن النهي يقتضي الفساد» وهو مطبوع محقق.
وقبل أن نشرع في المسألة نذكّر القارئ الكريم بما سبق من الخلاف في البطلان عند الحنفية والجمهور، وأن الحنفية قد يسمون الفعل أو العقد فاسداً، ولكنهم لا يعدونه باطلا من كل وجه، وإنما يرتبون عليه آثاره أو بعضها؛ لأنهم يفرقون بين الفساد والبطلان.
وأما الجمهور فحيث أطلقوا الفساد في هذه المسألة فإنهم يريدون البطلان، وعدم ترتب آثار الفعل عليه سواء أكان عبادة كالصوم والصلاة، أم عقدا كالبيع والإجارة، أم إيقاعاً كالطلاق والعتاق.
محل النزاع في المسألة:
أطلق بعض العلماء محل النزاع وأدخل فيه كل نهي سواء حمل على التحريم أم على الكراهة. وقيده بعضهم بأن يكون النهي للتحريم.
وأخرج بعض العلماء النهي عن العبادات وزعم الاتفاق على أن النهي عنها يقتضي بطلانها. وليس الأمر كذلك كما ستعرف.
وقسم بعضهم النهي ثلاثة أقسام:
أ ـ ... النهي عن الشيء لعينه، وهذا لا يختلفون في أنه يقتضي فساد المنهي عنه،