من المعلوم أن لفظَ الدليل قد يتّفقُ العلماءُ على صحَّته، ويختلفون في المعنى الذي يُحمَلُ عليه، واختلافهم يحتاج من الناظر فيه إلى معرفة قواعد الترجيح بين معاني اللّفظ التي يحمله عليها المختلفون.
وهذه أهمُّ تلك القواعد:
١ - تقديمُ الحقيقة على المجاز:
وهذا محلُّ وِفاقٍ إذا لم تكن الحقيقةُ مهجورةً، أو كان المجازُ غالباً.
مثاله: ترجيحُ قول مَن حمل حديث: «الجارُ أحقُّ بشفعة جاره»(الخمسة عن جابر) على المجاوِر لا على الشريك؛ لأن إطلاقَ الجار على الشريك مجازٌ.
وترجيح مذهب أهل السنة في حمل صفات الله تعالى على الحقيقة دون المجاز، كما في صفة اليدين مثلاً، فهناك من حملها على النعمة، وهو مجازٌ.
وترجيحُ قولِ مَن حمل لفظَ الأرض في قوله صلى الله عليه وسلم:«جُعلتْ ليَ الأرضُ مسجداً وطهورا»(متفق عليه عن جابر) على التراب، دون الجِير والإسمنت؛ فإنه لا يُسمى أرضاً إلاّ مجازاً، من جهة كونه مصنوعاً منها.
وأما إذا كانت الحقيقةُ مهجورةً فإن المجازَ يُصبحُ حقيقةً عرفيةً، فتُقدَّمُ على الحقيقة اللُّغوية المهجورة، كمَن حلف لا يأكلُ من هذه النخلة، فيُحمَلُ على الأكل من ثمرها لا من خشبها.
وإذا كان المجازُ غالباً على الحقيقة مع بقاء استعمال اللفظ في حقيقته، ففيه خلافٌ، ليس هذا موضع بسطه.
٢ - ترجيحُ الحقيقةِ الشرعية على الحقيقة اللُّغوية:
مثاله: حملُ لفظ الصلاة في قوله صلى الله عليه وسلم: «لا تقبل صلاة بغير طَهورٍ» (مسلم