واعترض القائلون بالوجوب على القائلين بالإباحة وقالوا: لا يوجد عرف شرعي مستقر، بدليل أن بعض الآيات جاء فيها الأمر بعد الحظر، وحملت على الوجوب باتفاق. ومن ذلك قوله تعالى:{فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ}[التوبة٥].
القول الثالث: إذا ورد الأمر بصيغة: (افعل) ونحوها، فهو للإباحة، وإن ورد مصرحاً فيه بلفظ الأمر كقوله: أنتم مأمورون، أو إني آمركم، فيحمل على الوجوب. وهذا التفصيل اختيار ابن حزم الظاهري، والمجد ابن تيمية.
دليله: أن العرف الشرعي جرى في الأمر بصيغة (افعل) ونحوها، وأما لفظ الأمر المصرح فيه بمادة (أمر) فلا عرف فيه فيبقى على الوجوب.
وهذا الرأي مبني على أن صيغة (افعل) أو (لتفعل) ونحوهما، من الظاهر، وصيغة: أنتم مأمورون ونحوها، من النص الصريح.
[الترجيح]
الراجح هو القول الأول، وهو حمل الأمر بعد الحظر على الإباحة إلا أن يقوم دليل على خلاف ذلك.
وما ذكره أصحاب هذا الرأي من الاستدلال بالعرف الشرعي والعرف اللغوي كاف في الدلالة على المطلوب.
وأما اعتراض أصحاب القول بالوجوب بآية:{فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ}[التوبة٥]، فيجاب عنه بأن هذه الآية لا تدل على وجوب قتل المشركين، وإنما يستفاد الوجوب من غيرها. ولو لم يرد في قتال المشركين