وأما قياس الأمر على النهي فهو ضعيف؛ للفرق بينهما من جهة أن النهي يقتضي الاستمرار في ترك المنهى عنه، والأمر لا يقتضى التكرار كما تقدم. وأيضاً فإن هذا قياس في اللغة وهو ممنوع عند الأكثر.
ثم إن عرف الاستعمال الشرعي واللغوي صرفه عن مقتضاه في أصل الوضع.
وبمثل هذا يجاب عن تمسكهم بعموم الأدلة الدالة على أن الأمر المطلق للوجوب.
وأما قول ابن حزم والمجد ابن تيمية فمردود بعدم الفرق بين الإخبار عن أمر الله أو رسوله، والأمر من الله أو رسوله بصيغه المعروفة. فإذا سلم جريان العرف في الثاني فالأول مثله.
وأما قول شيخ الإسلام ابن تيمية: إن الأمر بعد الحظر يعيد الفعل إلى ما كان عليه قبل ورود الحظر، فقد نسب للمزني، واختاره بعض المتأخرين، وقد يفسر به قول بعض المتقدمين كالقفال الشاشي، وهو قريب من حيث التطبيق من القول الأول، وفيه جمع بين الآيات التي جاء فيها الأمر بعد الحظر وحملت على الإباحة، مثل:{فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ}[الجمعة١٠]، والآيات التي جاء فيها الأمر بعد الحظر وحملت على الوجوب، نحو:{فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ}[التوبة٥].