للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[النهي عن الشيء أمر بضد من أضداده]

سبق أن بينا أن الأمر بالشيء يقتضي النهي عن جميع أضداده إذا كان المأمور به معيناً وضاق وقته عن فعل غيره معه. فهل يقال في النهي مثل ذلك فيكون النهي عن الشيء أمراً بالاشتغال بضده؟.

والجواب: أن النهي إذا كان له ضدٌّ واحد فالنهي يستلزم الأمر بذلك الضد كالصوم في العيدين ضده الفطر، فالنهي عن الصوم في العيدين يقتضي الأمر بالفطر فيهما.

وإن كان له أضداد كثيرة فهو يستلزم الأمر بضد واحد من أضداده؛ لأنه لا يتأتى ترك المنهي عنه الإ بالتلبس بضد من أضداده وخالف في ذلك من خالف في الأمر بحجة أن الضد قد يكون الناهي ذاهلاً عنه، والغفلة لا تتحقق في شأن نواهي الله جلا وعلا. ولكنهم يقولون: المسألة لغوية، فينطبق على نصوص الوحي ما ينطبق على كلام العرب.

والصحيح أن النهي عن الشيء الذي له أضداد يستلزم الأمر بضد واحد من تلك الأضداد غير معين، كما هو الحال في الواجب المخير؛ وذلك لأن ما لا يتم ترك الحرام إلا به فهو واجب، ووجوبه من باب وجوب الوسائل لا من باب وجوب المقاصد، وأما كون الثواب على الترك أو على التلبس بذلك الضد فهو أمر غيبي لا ينبغي الاشتغال به ولا يتعلق به غرض الفقيه.

<<  <   >  >>