أنكر بعض الأصوليين تقسيم الحكم الشرعي إلى تكليفي ووضعي، وجعلوا ما يسميه الجمهور أحكاما وضعية من السبب والشرط وما ذكر معهما، راجعاً إلى الأحكام التكليفية أو التخيير، وقالوا إنها ليست أحكاما بل هي إعلام بالحكم، فالسبب: علامة على الحكم، وكذلك الشرط والمانع علامة على تخلف الحكم، والصحة راجعة إلى إباحة الانتفاع إذا كانت في العقود، والفساد يعني تحريم الانتفاع.
وأما في العبادة فالصحة كون الفعل موافقا للمشروع، والفساد عكسه، وهذا حكم عقلي لا شرعي؛ لأنه يدرك بالعقل.
والصحيح: أنها أحكام شرعية، ولا يصدق عليها اسم شيء من الأحكام الخمسة المتقدمة، ولا بد لها من تسمية فاصطلح على تسميتها بالأحكام الوضعية؛ لأن الشرع هو الذي جعل السبب سببا والشرط شرطا والمانع مانعا الخ.
وإذا تقرر ذلك فهناك فروق بين الحكم التكليفي والحكم الوضعي، تتلخص فيما يلي:
١ - أن الحكم التكليفي لا يوصف به إلا فعل المكلف، وهو البالغ العاقل، أما الحكم الوضعي فلا يختلف باختلاف الفاعل، فمن فعل ما هو سبب للضمان أُلزم به، سواء أكان بالغا عاقلا أم لا، فالصبي إذا أتلف شيئا لغيره انعقد سبب الضمان.
٢ - أن الحكم التكليفي من شرطه العلم، فالجاهل به لا يثبت في حقه تكليف،