٢ ـ الأفعال التي قام الدليل على كونها خصوصية له صلى الله عليه وسلم:
كزواجه بأكثر من أربع مجتمعات، فهذا لا خلاف في عدم جواز التأسي به فيه، وأما ما ثبت وجوبه عليه وحده دون الأمة فالاقتداء به فيه مندوب كقيام الليل والأضحية ونحو ذلك.
٣ ـ ما فعله بيانا لمجمل أو امتثالا للأمر الوارد في الكتاب أو في السنة القولية:
كصلاته وصيامه وحجه بعد نزول الآيات الواردة في ذلك، وبعد قوله صلى الله عليه وسلم:«صلوا كما رأيتموني أصلي»(أخرجه البخاري)، وقوله:«لتأخذوا عني مناسككم»(أخرجه مسلم).
فهذا النوع لا خلاف في أنه لا يخرج عن الوجوب أو الندب، وحكمه حكم المبين، فما كان بيانا لواجب فهو واجب وما كان بيانا لمستحب فهو مستحب، هكذا نص أكثر الأصوليين (١). وفيه نظر؛ فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قد بين لنا الصلاة بفعله وليس كل ما فعله في الصلاة فرضا مع أن الصلاة فرض.
والأولى أن يقال: إن الأفعال التي تدخل في حقيقة الصلاة وواظب عليها النبي صلى الله عليه وسلم ولم يتركها ورواها كل من نقل صفة صلاته تعد واجبة كالركوع والسجود والجلوس بين السجدتين، وأما الأفعال التي ثبت أنه تركها أحيانا أو ترك ذكرها بعض من نقل صفة صلاته كتحريك أصبعه السبابة، وكذا ما لا يعلم إلا بالسؤال عنه من الأذكار الخفية فلا ترقى إلى الوجوب بل تكون مستحبة إلا أن يقترن بالفعل قول يدل على الوجوب.
(١) المعتمد لأبي الحسين ١/ ٣٤١، والتمهيد لأبي الخطاب ٢/ ٧٧٣.