١ ـ قول الصحابي فيما لا مجال للرأي فيه، كالعبادات والتقديرات ونحوها.
وهذا القسم حجة عند الأئمة الأربعة لأنه لابد أن يكون سمعه الصحابي من النبي صلى الله عليه وسلم؛ إذ لا اجتهاد في الأمور التي لا تعرف إلا بتوقيف، ولكن الأئمة يختلفون في مدى الاحتجاج به قلة وكثرة لعدم الاتفاق على ضابط معين يحدد ما لا مجال للرأي فيه. فقد يرى بعضهم أن هذه المسألة مما لا مجال للرأي فيها فيعمل بقول الصحابي فيها، ويرى الآخر أنها مما يدخله الاجتهاد فلا يعمل بقول الصحابي فيها.
ومن هذا النوع قضاء الصحابة في النعامة إذا اصطادها المحرم ببدنةٍ، وفي الغزال بعنز (١). فقد أخذ الأئمة بذلك. وكونه من التقديرات يدل على أنه مما سمع من النبي صلى الله عليه وسلم وليس مما قضي فيه بالاجتهاد.
وقد يقول قائل إن تقدير المثل في جزاء الصيد متروك للاجتهاد فيكون قضاؤهم هذا من باب الاجتهاد.
٢ ـ قول الصحابي الذي اشتهر ولم يخالفه غيره فيه، وهذا هو المسمى بالإجماع السكوتي وقد تقدم الكلام فيه.
والشهرة قد يستدل عليها بكثرة خوض الصحابة في المسألة، وقد يستدل عليها بكون الصحابي من الخلفاء الأربعة والمسألة مما تعم به البلوى ويقع لكثير من الناس. مثل جعل عمر رضي الله عنه طلاق الثلاث بلفظ واحد ثلاثا
(١) قضاء الصحابة في النعامة ببدنة، رواه البيهقي عن ابن عباس وعمر وعلي وعثمان، وقضاؤهم في الغزال بعنز، أخرجه مالك والشافعي عن عمر.