والصواب: أن التعادُلَ يعني تساوي الدليلين من كلّ وجهٍ، بحيثُ لا يبقى لأحدهما مزيةٌ على الآخَر.
وإذا حصل التعادُلُ ينسدُّ بابُ الترجيح، ولم يبقَ إلاّ أنْ يذهبَ المجتهدُ إلى تساقط الدليلين، والبحثِ عن أدلّةٍ أخرى، أو يتوقَّفَ، أو يتخيَّرَ، أو يذهبَ إلى الأشدِّ، أو إلى الأخفِّ من الحكمين اللذين دلَّ عليهما الدليلان المتعادلان.
وهذه أقوال العلماء في المسألة، كما سيأتي بيانها.
وأما التعارُض فهو يعني تقابُلَ الدليلين في الظاهر، بحيث يبدو للناظر إليهما في أول الأمر أنهما متنافيان، ويُمكن بشيءٍ من النظر، والتفكُّر الوصولُ إلى الجمع بينهما أو ترجيحِ أحدهما.
[شروط التعارض]
ذكر بعضُ الأصوليين شروطاً للتعارُض، استفادها مما يذكره المناطقة في شروط التناقُض. فاشترط لحصول التعارُض الشروطَ التاليةَ:
١ - التساوي في الثبوت، فلا تعارُضَ بين الكتاب وخبر الواحد، بل يقدم الكتاب.
٢ - التساوي في القوَّة، فلا تعارُضَ بين النصّ والظاهر، بل يُقدَّمُ النصُّ.
٣ - اتّحادُ الوقت، فلو اختلف الوقتُ، فالمتأخِّرُ مقدَّمٌ.
٤ - اتّحادُ المحلّ، فلو اختلف المحلُّ فلا تعارُضَ.
٥ - اتّحادُ الجهة، فلو اختلفت جهةُ تعلُّق الحكم بالمحكوم عليه، فلا تعارُضَ، مثل النهي عن البيع بعدَ نداء الجمعة الثاني، مع الإذن فيه في غير هذا الوقت.
٦ - اختلافُ الحكم الثابت بكلِّ من الدليلين، فلا تعارُضَ مع اتّحاد الحكم.