للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واحدٍ على الحكم، إذا لم تكنْ في الدليل الآخَر زيادةُ حكمٍ تتعلَّقُ بشروطه أو قيوده، ونحو ذلك.

والدليلُ على اشتراط هذا القدر: أن مَن اجتهد قبلَ تحصيله فقد يُخالفُ المنصوصَ عليه في القرآن أو السنة، فيكونُ اجتهادُه باطلاً.

وأما الدليلُ على عدم اشتراط ما زاد على ذلك فهو: أن الصحابةَ كانوا يجتهدون مع غفلتهم عن بعض ما دلّ عليه القرآن بطريق الإشارة أو الالتزام، ولم يكن اجتهادُهم واقعاً ممن ليس أهلاً.

ولما عُرفَ عنهم من أنهم يعذرون المخطئَ إذا لم يكن الدليلُ ظاهراً قوياّ، ولعلَّ هذا مأخذَ الذين حدّدوا آياتِ الأحكام بخمسمائة آيةٍ.

قال ابن دقيق العيد: «ولعلَّهم قصدوا بذلك الآياتِ الدالةَ على الأحكام دلالةً أوّليّةً بالذات، لا بطريق التضمُّن والالتزام» (١).

ومما يُؤيِّدُ ما ذكرته أن الإحاطةَ بكلِّ ما في القرآن من المعاني ليس ممكناً، فلو اشترطنا ذلك لما تمكن أحدٌ من الاجتهاد.

٥ - معرفة الناسخ والمنسوخ من الأحكام الواردة في القرآن والسنة:

لأنه لو لم يًعرف ذلك لأفتى بالحكم المنسوخ وعمل به، وهو لازمُ باطلٌ، فيبطُل ملزومُه، الذي هو عدمُ اشتراط ذلك، ويكفي أنْ يعرفَ أن الدليلَ الذي استدلّ به ليس منسوخاً.

٦ - معرفةُ مواطن الإجماع حتى لا يخالفَها:

لأن مخالفةَ الإجماع محرَّمةٌ. ويكفي أن يعرفَ أن المسألةَ التي ينظر فيها ليست


(١) البحر المحيط ٦/ ١٩٩.

<<  <   >  >>