وهو المعنى الثابت للمسكوت عنه الموافق لما ثبت للمنطوق؛ لكون المسكوت أولى بالحكم من المنطوق أو مساويا له.
ومثال المفهوم الأولى قوله تعالى:{فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ}[الإسراء٢٣]، فإنه يدل بطريق الأولى على تحريم الضرب والشتم.
وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم:«أربع لا تجزئ في الأضاحي»(أخرجه أحمد والأربعة من حديث البراء بن عازب مرفوعا) وذكر منها العوراء. فإن عدم إجزاء العوراء يدل على عدم إجزاء العمياء من باب أولى.
ومثال المفهوم المساوي: قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا}[النساء١٠]، فإنه يدل على تحريم الأكل بمنطوقه، وعلى تحريم كل ما فيه تفويت لمال اليتيم بمفهوم الموافقة المساوي، فلا يجوز التصدق بمال اليتيم ولا إنفاقه في الجهاد ونحوه.
ومفهوم الموافقة حجة عند جميع الأئمة، وخالف فيه الظاهرية ولا يلتفت إلى خلافهم.
وقد يظن البعض أن مفهوم الموافقة قطعي الدلالة، والصواب أنه قد يكون قطعيا كالمثالين السابقين، وقد يكون ظنيا، كقولهم: إذا ردت شهادة الفاسق فالكافر من باب أولى.
وإنما قلنا إنه ظني لأنه لا يبعد أن ترد شهادة الفاسق؛ لأنه متهم بالكذب