ومن أمثلته: قوله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ}[البقرة٢٨٢]، مع قوله في آية أخرى:{وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}[الطلاق٢]، ولا خلاف في اشتراط العدالة في الشاهدين، ولكن بعض العلماء أخذ ذلك من حمل المطلق على المقيد، وبعضهم بدليل آخر كالقياس.
٤ـ أن يتحد السبب ويختلف الحكم:
مثاله: قوله تعالى في الوضوء: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ}[المائدة٦]، وقوله تعالى في التيمم:{فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ}[النساء٤٣]، فالأولى ورد فيها لفظ أيديكم مقيدا بالمرافق، والثانية ورد فيها مطلقا، والحكم في الأولى الغسل، وفي الثانية المسح بالتراب، والسبب واحد وهو الحدث أو إرادة رفع الحدث.
فهذه الصورة ذهب بعض الشافعية إلى حمل المطلق على المقيد فيها فقالوا في التيمم يمسح يديه إلى المرفقين.
والجمهور على عدم تقييد التيمم بالقيد الوارد في الوضوء، وهو الصواب؛ لأنه لا يمكن دعوى دلالة اللغة على التقييد هنا، وأما القياس فيكون من باب قياس حكم على حكم مختلف عنه لأجل اتحاد سببهما.
وهذا لا يصح مع قولهم إن السبب علامة على ثبوت الحكم لا تأثير لها، وإنما يقبل لو ظهر أن السبب فيه مناسبة لتشريع الحكم يمكن أن يعقلها المجتهد. وفي المثال المذكور لا يعقل المجتهد مناسبة تدعوا المحدث إلى أن يغسل وجهه ويديه الخ، أو يمسح وجهه ويديه، وإنما هو محض تعبد فلا يمكن القياس.