وهذا القول هو الراجح، ويجاب عن أدلة القول الأول بما يلي:
قولهم: لو لم يجب التكرار لكفى المرء أن يؤمن ساعة، الخ ... يجاب بأن الإيمان يضاد الكفر، فإذا تخلى عن الإيمان لحظة وقع في الكفر، والكفر منهي عنه على الدوام، وأما إذا ذهل عن الإيمان ولم يقع في قلبه ضده فلا شيء عليه ويبقى حكم الإيمان مستصحبا، ولهذا فإن النائم يسمى مؤمنا، ولا يسوى بين الأمر بالإيمان والتقوى والأمر بالفعل.
دليلهم الثاني: قياس الأمر على النهي، وهو قياس في اللغة فلا يصح، ثم إن الأمر ضد النهي فكيف يقاس الشيء على ضده؟!.
دليلهم الثالث: التسوية بين الاعتقاد والعزم والفعل لا يصح؛ لأن الفعل يحول بينه وبين أفعال أخرى مأمور بها، أو يحتاج إليها بمقتضى العادة والطبيعة، وأما الاعتقاد فلا يصرفه عن فعل مأمور به ولا عن فعل يحتاجه بمقتضى العادة والطبيعة.
ومن وجه آخر فإن الأفعال القلبية كالاعتقاد والعزم، استمرارها يتحقق بعدم وجود ما يضادها، بخلاف أفعال الجوارح فلا تتحقق بانتفاء الضد، بل لا بد من جهد زائد على ذلك.
[أثر الخلاف]
من الفروع التي بنوها على هذا الأصل ما يلي:
١ ـ لو قال لوكيله: طلق زوجتي، فهل يملك طلقة واحدة أو ثلاثا؟ من قال: إن الأمر يفيد التكرار، فقياس مذهبه أنه يملك ثلاثا، ومن قال: لا يفيد التكرار، فمقتضى قوله أن لا يملك إلا واحدة.