ودليل على صدقه وأمانته؛ حيث بلغ الأمة خطأه وتصويب الله له.
وأما قوله تعالى:{وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى}[النجم٣] فإن المنفيَّ النطقُ عن هوى، والاجتهادُ ليس كذلك. وقولُه:{إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}[النجم٤] يرجع إلى القرآن.
٢ - مسألة اجتهادِ الصحابة في عهد النبيّ صلى الله عليه وسلم:
وهذه المسألة اختُلف فيها على أقوالٍ، والصحيحُ منها - إن شاء الله - أن اجتهادَ الصحابة في غيابهم عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أو في حضوره بإذنه جائزٌ وواقعٌ، وما عدا ذلك فليس اجتهاداً.
والدليلُ على وقوع الاجتهاد من الغائب عن مجلس النبيّ صلى الله عليه وسلم: اجتهادُ الصحابة الذين بعثهم النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى بني قريظة، وقال لهم:«لا يُصلِّينَّ أحدٌ العصرَ إلاّ في بني قريظة». وقد تقدّم ذكرُه.
وكذلك اجتهادُ عليّ - رضي الله عنه - حينما بعثه إلى اليمن قاضياً في وقائعَ حدثت له. واجتهادُ عمارَ - رضي الله عنه - في التيمم للجنابة (متفق عليه).
وأما للحاضر بإذن الرسول صلى الله عليه وسلم: فمثاله: اجتهادُ سعدِِ بنِ معاذٍ - رضي الله عنه - في الحكم على بني قريظة (متفق عليه عن أبي سعيد)، واجتهادُ عمرو بن العاص - رضي الله عنه - بإذنه (أخرجه أحمد والدارقطني والحاكم).
وأما الدليلُ على منع الحاضر إذا لم يُؤذنْ له فقولُه تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}[الحجرات١]، والاجتهادُ في مسألةٍ شرعيةٍ بحضرته بلا إذنٍ من التقدُّمِ بين يديه.
وأما قول أبي بكر - رضي الله عنه - لمن طلب سلَبَ القتيل الذي قتله أبو قتادةَ: لا ها الله!