إذاً لا يعمدُ إلى أسد من أُسْد الله يُقاتل عن الله وعن رسوله فيُعطيك سلَبَه. (متفق عليه عن أبي قتادة) فليس اجتهاداً، بل أخذاً بالنصّ، فإن الرسولَ صلى الله عليه وسلم كان قد قال:«مَن قتل قتيلاً له عليه بينةٌ فله سلَبُه»(متفق عليه وهو طرفٌ من حديث أبي قتادة السابق)، وهو وعدٌ من الرسول صلى الله عليه وسلم، وليس من عادته إخلافُ وعده، أو هو قضاءٌ سابقٌ ولم ينقُضه.
وقد نصَّ الرازيُّ وبعضُ الأصوليين أن المسألتين لا ثمرةَ لهما.
ومع ذلك فإنهما لا تخلوان من الفوائد، وإنْ لم تكنْ متفرِّعةً عنهما أو عن أحدِهما، ولهذا أُخذ من المسألتين حكمُ الرجوع إلى الظنّ مع إمكان اليقين، فأجازه مَن أجاز الاجتهادَ في المسألتين، ومنعه مَن منعه. وذلك مثل الوضوء من الماء الذي يغلبُ على الظنِّ طهارتُه، مع كونه على شاطئِ البحر، بحيثُ يتمكّنُ من الوضوء من ماء البحر المقطوع بطهارته. والإفطارُ بناءً على سماع الأذان أو النظر للساعة دون الخروج لرؤية غروب الشمس، ونحو ذلك من المسائل.
ولا يبعُدُ أنْ يكونَ للخلاف في اجتهاد الرسول صلى الله عليه وسلم صلةٌ بحجّية الفعل المجرَّد من الرسول صلى الله عليه وسلم.