حكى بعض العلماء الاتفاق على أن الاستثناء من الإثبات نفي، وأن الخلاف إنما هو في الاستثناء من النفي هل يكون إثباتا؟
اختلف العلماء في ذلك على قولين مشهورين:
١ـ مذهب الحنفية: أن الاستثناء من النفي ليس إثباتا، واحتجوا بما يلي:
أنه لو كان الاستثناء من النفي إثباتا لكان قوله صلى الله عليه وسلم:«لا يقبل الله صلاة بغير طهور»(رواه مسلم من حديث أبي مسعود مرفوعا) يثبت الصلاة بثبوت الطهور، وليس كذلك باتفاق؛ إذ يمكن وجود الطهور مع عدم وجود الصلاة. وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم:«لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار»(رواه أحمد والترمذي وأبو داود وابن ماجه) ونحوه من الأحاديث.
٢ـ مذهب الجمهور: أن الاستثناء من النفي إثبات، واستدلوا بالإجماع على أن من قال: لا إله إلا الله، فقد آمن، وأثبت الألوهية لله وحده، ولو لم يكن الاستثناء من النفي إثباتا لما كان الناطق بهذه الكلمة مؤمنا.
كما استدلوا بعرف الناس وما يتبادر إلى الذهن عند سماع الاستثناء من النفي.
ومذهب الجمهور هو الراجح بلا تردد.
وقد أجيب عن استدلال الحنفية بحديث:«لا يقبل الله صلاة بغير طهور»، ونحوه من الأحاديث، بأن القاعدة لا تناقض المعنى الذي حمل عليه هذا الحديث؛ لأن الحديث يدل على أن الصلاة لا تكون مقبولة إلا بطهور؛ لأن الطهور شرط الصلاة ولا يلزم من وجود الشرط وجود المشروط.