واختار القرافي أن القاعدة ينبغي أن يستثنى منها الشروط، فيقال: الاستثناء من النفي إثبات إلا في الشروط.
والذي يظهر: أنه لا حاجة إلى هذا الاستثناء؛ لأن النفي في أول الحديث يدل على أن الصلاة لا تكون مقبولة بغير طهور، والاستثناء يثبت نقيضه وهو أن الصلاة تقبل بالطهور، أي: أن الطهور لا يمنع قبولها، ولا يلزم منه ضرورة حصولها مقبولة إذا وجدت الطهارة، بل يحتمل عدم قبولها باختلال شرط آخر أو غير ذلك.
وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم:«لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار» يفيد أن الصلاة بغير خمار غير مقبولة، وبالخمار لا يمتنع قبولها لأجل الخمار، ولا يمتنع أن تفسد أو ترد بسبب آخر.
وقد يشكل فهم مذهب الحنفية على بعض الدارسين، ويستبعد أن يذهب إليه ذاهب، فيحتاج إلى زيادة إيضاح.
وخلاصة مذهبهم: أن المستثنى مسكوت عن حكمه، وعلى المجتهد أن يطلبه من دليل آخر، وهو عندهم من باب مفهوم المخالفة، كمفهوم الشرط والصفة، فلو قال: ليس له علي إلا مائة. لا يدل على أنه أقر بالمائة، وإنما معنى كلامه نفي ما زاد على المائة، وأما المائة فإنه لا يثبتها ولا ينفيها، وقد يكون ناسيا أو شاكا في بقائها في ذمته، فلا نوجب عليه شيئا بالشك.
وأما الشهادة فقد قالوا: إنه يدخل بها في الإسلام؛ لأنه لا يوجد من تُدعى ألوهيته إلا الله أو غيره، فإذا نفى ألوهية غير الله ثبتت ألوهية الله جل وعلا.