وأما الذين عبروا بالمنطوق والمفهوم، فمنهم من جعل هذه الدلالات الأربع المتقدمة داخلة تحت المفهوم، ومنهم من جعل الثلاث الأولى داخلة تحت المنطوق غير الصريح، والرابعة هي المسماة بالمفهوم.
وهذا الاختلاف لا يترتب عليه فائدة سوى معرفة الاصطلاح، وقد وقع فيه كثير من الخلط والوهم.
والأولى سلوك طريق مَن قسّم الدلالة إلى دلالة المنظوم ودلالة غير المنظوم.
فالأولى معروفة، وهي: كل دلالة يكون الدال فيها دل بالوضع اللغوي. وهي تشمل دلالة المطابقة ودلالة التضمن.
والثانية، هي: دلالة الالتزام. وهي دلالة اللفظ على معنى خارجي لازم للمنطوق به.
وقد يقال: ما دل عليه اللفظ لا بصريح صيغته ووضعه. ويشمل دلالة الاقتضاء، ودلالة الإشارة، ودلالة الإيماء، ودلالة المفهوم.
وإليك التعريف بكل منها مع أمثلته.
١ - دلالة الاقتضاء:
هي دلالة اللفظ على معنى مسكوت عنه يجب تقديره لصدق الكلام أو لصحته شرعا أو عقلا.
والمعنى المدلول عليه بالاقتضاء يسمى المقتضى (اسم مفعول) وهو ثلاثة أنواع:
١ ـ ما يجب تقديره لصدق الكلام ومطابقته للواقع، مثل دلالة قوله صلى الله عليه وسلم:«لا وصية لوارث»(أخرجه البخاري) على المقدر المحذوف، وذلك أن الناس قد يوصون للورثة ولكن المنفي صحة تلك الوصية، والتقدير: (لا وصية