للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد استدلوا بما يلي:

١ - أن هذه الصيغ استعملت في العموم وفي الخصوص، واستعمالها في الخصوص أكثر، فتكون للخصوص ما لم تقم قرينة تدل على التعميم.

٢ - أن دلالة تلك الصيغ على أخص الخصوص متعينة، ودلالتها على ما زاد عن ذلك مشكوك فيها، فإذا عريت عن القرينة حملت على اليقين ووجب التوقف فيما زاد عن ذلك.

والجواب عن الأول: أن نمنع قولهم: إن استعمالها في الخصوص أكثر.

وما شاع على لسان المتفقهة ونسبوه لابن عباس من قوله «ما من عام إلا وقد خص» لا يصح رواية ولا دراية، وقد أنكره ابن تيمية أشد الإنكار، وأوضح أن عمومات القرآن أكثرها محفوظة باقية على أصلها (١).

وأما قولهم: إن أخص الخصوص متعين، فهو صحيح، ولكن قولهم إن الزائد مشكوك فيه باطل. بل نقول دلالتها على أخص الخصوص قطعية، وعلى ما زاد ظنية، والظن كاف في إثبات الحكم الشرعي.

[أدلة الجمهور]

استدل الجمهور على وضع تلك الصيغ للعموم بأدلة نكتفي منها بما يلي:

١ ـ قوله تعالى: {وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ (٤٥) قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} [هود٤٥ - ٤٦].

وجه الدلالة: أن الله حكى عن نوح ـ عليه السلام ـ تمسكه بالعموم في


(١) ينظر: مجموع فتاوى ابن تيمية ٦/ ٤٤٢، ٤٤٤

<<  <   >  >>