هذه من المسائل التي طال البحثُ فيها، وتفرّع عنها بعضُ مسائل الاجتهاد الأخرى، وتُسمّى مسألةَ:«التصويب» أو «تصويب المجتهدين». وقد عنون لها بعضُهم بنحو هذا العنوان.
وعنون لها بعضُهم بقوله: هل الحقُّ يتعدّدُ في مسائل الاجتهاد؟
وقال بعضُهم: هل لله في كلّ واقعةٍ حكمٌ معيّنٌ؟
ومحلُّ النزاع: إنما هو في المسائل الاجتهادية العملية، أما المسائل العملية القطعية، والعلمية الاعتقادية، فإن المصيبَ فيها واحدٌ، باّتفاقٍ، والحقُّ فيها لا يتعدّدُ.
ولم ينقلوا فيها خلافاً إلاّ عن القاضي العنبريّ، فإنه نُقل عنه قوله: كلُّ مجتهِدٍ في الأصول مصيبٌ. وعن الجاحظ مثلُ ذلك.
وقد حمله بعضُهم على تعدُّد الحقّ في المسائل العلمية الخبرية، وهو مخالفٌ لبدائه العقول؛ إذْ لا يُمكنُ أنْ يقولَ عاقلٌ إن اللهَ يُمكنُ أنْ يوصَفَ بهذه الصفة وبعدمها، وأن هذا الشيءَ واقعٌ وغيرُ واقعٍ.
وحمله بعضُهم على أنه لا يُؤَثّمُ المخطئُ من الكفار إذا بذل جهدَه في طلب الإيمان بالله فلم يصلْ إليه.
وحمله المحققون على أنه خاصُّ بالمجتهدين من أهل الملّة، إذا بذلوا جهدهم في إدراك الحقّ في مسائل الأصول أو الفروع، فأخطأوا، فإنهم لا يأثمون. ففسروا قولَه بالتصويب بأن المرادَ نفيُ الإثم.