وهي قاعدةٌ عامّةٌ صحيحةٌ، تُفيدُ أن المجتهدَ إذا أفتى أو قضى قضاءً بناءً على اجتهادٍ، ثم تغيّر اجتهادُه فإنه لا يَنقضُ حكمه السابق، ولا يرجعُ فيه بعدَ نفاذه، وكذلك إذا أفتى بفتوىً وعمل بها المقلِّدُ، فإن رجوعَه لا ينقُضُ فتواه الني اتّصلَ بها العملُ.
ولا فرقَ في تطبيق القاعدة بين أنْ يكونَ اختلافُ الاجتهاد الثاني من المجتهد الأول أو من غيره، بل إذا كان الاجتهاد المتأخِّرُ من غير المجتهد الأول يكونُ أولى بعدم النقض.
٢ـ الاجتهادُ يُنقضُ إذا خالف نصّاً صريحاً من كتابٍ أو سنّةٍ، أو خالف إجماعاً صريحاً ثابتاً:
ولا فرقَ - على الصحيح - بين أنْ يكون النصُّ قطعيَّ الثبوت أو ظنيَّ الثبوت، إلا أنه إذا كان ظنيَّ الثبوت فيُشترطُ لنقض الاجتهاد به أنْ لا يُعارضَه نصٌّ آخَرُ يُماثلُه أو يُقاربُه في القوّة، فإنْ عارضه نصٌّ آخَرُ فلا نقضَ.
٣ـ هل يلزمُ المجتهدَ إخبارُ مَن أفتاه بتغيُّر اجتهاده؟:
اختلف العلماءُ في ذلك، والأكثر على أنه لا يلزمه ذلك.
وقيل: يلزمُه إنْ لم يتّصلْ به العملُ وأمكنه ذلك من غير مشقّةٍ.
وهو أرجح؛ لأنه من النصح لعامّة المسلمين، وقد أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم، وجعله من الدين، فقال صلى الله عليه وسلم:«الدينُ النصيحةُ»، قيل: لمن يا رسول الله؟ قال:«لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامّتهم»، (مسلم عن تميم الداري).
ولأنه من التعاون على البر والتقوى المأمور به في قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى