للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والشروط اللغوية ينطبق عليها هذا التعريف، فإذا قلت: إن تأتني أكرمك، فقد جعلت الإتيان إليك سببا في الإكرام، يحصل الإكرام بحصوله وينعدم بعدمه.

وإذا قال الزوج: إن خرجت بغير إذني فأنت طالق، يكون قد جعل الخروج بغير إذنه سببا لوقوع الطلاق عليها، فإن وجد الخروج المذكور وجد الطلاق وإن عدم عدم الطلاق.

وبهذا يتبين أن الشروط اللغوية تنزل من حيث المعنى والحكم منزلة الأسباب.

والأمر كما قال القرافي، ولا يقال: قد يوجد الطلاق ولو لم يوجد الخروج بلا إذن، لأن المقصود وقوع الطلاق بسبب الخروج، وأما وقوعه بسبب آخر فلا يمتنع، وهذا جار في الأسباب الأخرى فإنهم يقولون ـ مثلا ـ: الردة سبب للقتل، مع أن القتل قد يكون لأجل الزنى مع الإحصان.

وقد زاد المحققون في تعريف السبب قولهم: لذاته، أي: بالنظر إلى هذا السبب دون غيره من الأسباب، حتى لا يرد مثل هذا الاعتراض على قولهم: السبب يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم.

[الشرط المتعقب جملا]

إذا وقع الشرط بعد جمل متعاطفة فالجمهور على أنه يعود إلى الكل، وقيل يعود إلى الجملة الأخيرة كالاستثناء.

والصواب الأول، والفرق بينه وبين الاستثناء عند من فرق، أن الشرط منزلته التقدم على المشروط، فإذا تأخر في اللفظ كان كالمتقدم من حيث المعنى، ولا خلاف أنه إذا تقدم لحق الجميع مما يذكر بعده من الجمل المتعاطفة.

ومثال الشرط المتأخر قوله تعالى: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ}

<<  <   >  >>