فيُرجَّحُ الخبرُ الذي رُواتُه أكثرُ على الخبر الذي رُواته أقلُّ.
مثاله: رواية رفع اليدين عند الركوع الواردةِ من حديث جماعةٍ من الصحابة، منهم: علي بن أبي طالبٍ، وابن عمرَ، ومالك بن الحويرث، وأبو حميد الساعديّ، ووائل بن حجر. وغيرهم، تُرَجح على رواية البراء بن عازب: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يرفعُ يديه عند تكبيرة الإحرام، ثم لا يعودُ (أخرجه أبو داود والدارقطني) بأن الخبرَ الأولَ أكثرُ رواةً.
وقد خالف الحنفيةُ في الترجيح بالكثرة، وقاسوا الأخبار على البيِّنات كالشهادات، فكما أن الحقَّ لو شهد به شاهدان ثبت، ولا يزيدُ ثبوتُه بشهادة ثلاثة أو أربعةٍ، أو بمعارضتهم، فكذلك لا يُرجَّحُ بالكثرة في الرواية.
والراجح: صحَّةُ الترجيح بالكثرة في الأخبار؛ لأن الأخبارَ تختلف عن الشهادة في هذا، فالشهادةُ لها نِصابٌ، إذا وُجد تمّتْ وقضى بها القاضي، وأما الرواية فليس لها نِصابٌ محدَّدٌ، ولهذا قد تصلُ الروايةُ إلى التواتر أو الاستفاضة، وقد تقفُ عند درجة الآحاد.
وأيضاً فإن الشهادةَ فيها شائبةُ التعبُّد، بدليل أنها لا تُقبَلُ بلفظ الخبر، ولا تُقبَلُ شهادةُ النساء منفردات، بخلاف الخبر.
وذهب القاضي الباقلاني والغزالي إلى أن العبرةَ بظن المجتهد، فإن غلب على ظنِّه صدقُ الواحد أخذ بحديثه وترك حديثَ الاثنين أو الثلاثة. وهو قريبُ من قول الحنفية.