وقد أنكر الشاطبي وجود النوع الثالث، وقال إنه راجع إلى النوع الأول.
[شروط الحنفية لقبول خبر الواحد]
اشترط أكثر علماء الحنفية لقبول خبر الآحاد الذي لم يبلغ درجة الشهرة عندهم شروطا خالفهم فيها جمهور العلماء، وفيما يلي نذكر هذه الشروط، ودليل اشتراطها، ورأي جمهور العلماء فيها:
١ـ أن لا يكون الخبر فيما تعم به البلوى، ومرادهم بما تعم به البلوى ما يحتاج إليه أكثر الناس حاجة متأكدة متكررة، فإذا كان الحكم الذي تضمنه خبر الواحد مما يحتاج أكثر الناس إلى بيانه لكثرة وقوعهم في سببه وتكرر حدوثه فلا بد أن ينقله عدد كبير يحصل بنقلهم العلم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لا بد أن يبين حكمه لعموم الناس، ولا يكتفي ببيانه لواحد أو اثنين.
ومثلوا هذا بخبر بسرة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«من مس ذكره فليتوضأ»(أخرجه مالك وأحمد والترمذي والنسائي) وخبر جابر - رضي الله عنه - في الأمر بالوضوء من لحم الإبل، (رواه مسلم) قالوا ليس من المعقول أن يسكت النبي صلى الله عليه وسلم عن بيان نقض الوضوء بمس الذكر لعموم الناس مع أن أكثرهم لا يلبس السراويل مما يجعل إفضاءه بيده إلى ذكره كثير الحدوث، ثم كيف تختص بسماع هذا الحديث امرأة مع أن المقصود به في المقام الأول الرجال؟.
وفي الحديث الثاني قالوا: إن عادة أكل لحوم الإبل منتشرة في عهد الصحابة، فلو كان أكل لحم الإبل ناقضا للوضوء لتكرر من الرسول صلى الله عليه وسلم التنبيه عليه وإبلاغه إلى عامة الناس، ولو فعل لم يقتصر نقله على واحد أو اثنين من الصحابة.
وجمهور العلماء يقولون إذا صح الحديث وجب قبوله والعمل به، سواء أكان مما تعم به البلوى أم لا، ونقل الحديث من واحد أو اثنين لا يدل على أن