للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الأمر بعد الحظر]

اشتهر عند الفقهاء قولهم: الأمر بعد الحظر للإباحة، والأصوليون اختلفوا في ذلك.

وصورة المسألة: أن يرد حظر من الشارع لفعل ما، سواء فهم هذا الحظر من نهي صريح، أم من غيره، ثم يرد أمر بذلك الفعل.

مثال الأمر بعد الحظر الصريح: قوله: «كنت نهيتكم عن ادخار لحوم الأضاحي فكلوا منها وادخروا» (أخرجه أحمد والترمذي ومعناه في الصحيحين) فالنهي عن الادخار جاء الخبر عنه صريحاً ثم أعقبه أمر بالادخار.

ومثال النهي غير الصريح: ما جاء في حديث الرجل الذي قال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، إني اكتتبت في غزاة كذا وكذا، وإن امرأتي ذهبت للحج، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «انطلق وحج مع امرأتك» (أخرجه البخاري ومسلم).

ففي هذا الحديث لم يرد نهي عن ذهاب ذلك الرجل مع امرأته، ولكنه فهم من اكتتاب اسمه في إحدى الغزوات فيكون منهياً عن التخلف عن الغزوة، ثم جاء أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالانطلاق مع امرأته للحج.

وقد مثل ابن اللحام بهذا المثال، وقد ينازع فيه.

ومحل النزاع في هذه المسألة حيث لم توجد قرينة قوية تدل على حمل الأمر على الوجوب أو الإباحة أو الندب. أما حيث وجدت قرينة فيعمل بمقتضاها.

والأصوليون يقررون في كثير من مسائل الخلاف أن محله حين تعدم القرينة، مع أنه من النادر أن تعدم القرينة، ولكنهم يقررون المبدأ العام، أو الأصل الذي يبنى عليه الحكم عند الاختلاف في القرائن ودلالتها؛ لأن القرائن كثيرا ما

<<  <   >  >>