فعائشة ردت خبر تعذيب الميت بآية:{أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}[النجم٣٨]. ولهذا فإن الذين قبلوه تأولوه على معنى لا يخالف هذه الآية. وكذلك ما روي عن ابن عباس - رضي الله عنه - من رده لخبر أبي هريرة - رضي الله عنه -، له فيه عذر آخر غير كونه خبر آحاد، ولذا لم يحتج في رده بكونه خبر واحد، والذين قبلوا خبر أبي هريرة في الأمر بالوضوء من حمل الجنازة، منهم من حمله على الاستحباب، ومنهم من حمله على الوضوء قبل حمله حتى يكون على طهارة عند الصلاة عليه، وهذا معنى لطيف، والحديث يحتمله.
[منزلة السنة من القرآن]
السنة بالنسبة للقرآن على ثلاثة أنواع:
أـ ... سنة مبينة للقرآن، كالسنة التي تخصص القرآن أو تبين مجمله، مثل ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من صفة الصلاة وصفة الحج، فهذا بيان لما في القرآن من الأمر بالصلاة والحج.
ب ـ سنة مؤكدة لما في القرآن من غير زيادة، كقوله صلى الله عليه وسلم:«اتقوا الله في النساء؛ فإنهن عوان عندكم» الحديث، فهذا موافق لقوله تعالى:{وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}[النساء١٩]. وكذلك الأحاديث الواردة في تحريم القتل وأكل المال بالباطل مؤكدة لما ورد في القرآن من ذلك.
ج ـ سنة زائدة على ما في القرآن: وهي السنة التي جاءت بأحكام زائدة على ما في القرآن، مثل السنة الواردة في ميراث الجدة وميراث الأخوات مع البنات:«اجعلوا الأخوات مع البنات عصبة» وتحريم الجمع بين المرأة وعمتها وبين المرأة وخالتها.
وهذه الأنواع ذكرها الإمام الشافعي في الرسالة وتبعه عليها أكثر العلماء.