اختلف العلماء في حجية القراءة الشاذة (الآحادية) على قولين:
القول الأول: أنها حجة، وهو منسوب لأبي حنيفة وأحمد، وأكثر أصحابهم، وحكاه البويطي عن الشافعي.
ودليل هذا القول: أن هذه القراءة نقلت عن الرسول صلى الله عليه وسلم بسند صحيح فهي لا تخلو إما أن تكون قرآنا أو سنة، وعلى كلا الاحتمالين فهي حجة.
القول الثاني: أنها ليست بحجة، وهو المشهور عن الشافعي رحمه الله.
والدليل على ذلك أن الصحابي نقلها على أنها قرآن، لا على أنها سنة، وهي لا يمكن أن تكون قرآنا؛ لأن القرآن متواتر وهي غير متواترة، ولأن الظاهر أنها تفسير من الصحابي نفسه، ومذهب الصحابي ليس حجة عند الشافعي.
والصواب الأول، وقولهم: لا يمكن أن تكون قرآنا، لا يصح إلا على التسليم باشتراط التواتر في كل كلمة من كلمات القرآن وهذا محل خلاف، قال الشوكاني:«وقد ادُّعِي تواتر كل من القراءات السبع ... وليس على ذلك أثارة من علم؛ فإن هذه القراءات كل واحدة منها منقولة نقلا آحاديا كما يعرف ذلك من يعرف أسانيد هؤلاء القراء، وإنما هو قول قاله بعض أهل الأصول، وأهل الفن أخبر بفنهم»(١).
وقولهم: إنها قول صحابي، يجاب بأن قول الصحابي في تفسير القرآن حجة؛ لما علمناه من تورعهم عن القول في كتاب الله بما لا علم لهم به. والله أعلم.