وأما إنْ نظر فلم يظهرْ له حكمٌ فلا ينبغي أنْ يقعَ خلافٌ في جواز التقليد له إذا احتاج إلى العمل.
وأما إذا لم يحتجْ للعمل بنفسه، وإنما سُئل عن الواقعة، فليس له أنْ يُفتيَ تقليداً، بل يدلُّ السائلَ على المفتي أو ينقلُ له فتواه.
سؤالُ العاميّ مَن شاءَ من المفتين:
يجوزُ للعاميّ أنْ يسألَ مَن شاء من المفتين، وله أنْ يسألَ المفضولَ مع وجود الفاضل، عند أكثر العلماء.
واستدلُّوا على ذلك: بالإجماع؛ أخذاً مما عليه الحالُ وقتَ الصحابة والتابعين، فإن العوامَّ كانوا يسألون المفضولَ فيُفتيهم، ولا يأمرُهم بسؤال الفاضل.
ولم يُعهدْ عن أحدٍ من الصحابة أنه كان لا يُفتي مع وجود الأفضل منه في البلدة، وقد أفتى ابنُ عباسٍ وابنُ عمر في حياة الخلفاء الأربعة، رضي الله عنهم أجمعين.
وأوجب بعضُ العلماء على العاميّ البحثَ عن الأعلم والأتقى ليسألَه. وقال: إن العاميَّ يجتهدُ في أحوال المفتين، فيبحثُ عن الأفضل منهم، كما يجتهدُ العالمُ في الأخذ بالأقوى من الدليلين المتعارضين.
موقفُ المستفتي من اختلاف المفتين:
إذا سأل المستفتي أكثرَ من عالمٍ فاختلفوا، أو اشتهرتْ فتاوى العلماء مع اختلافها، كما هو الحالُ في عصرنا الحالي؛ فإن العوامَّ ربما عرفوا فتوى أكثر من عالمٍ في المسألة الواحدة، فما موقفهم؟ وبم يأخذون؟.
الواجب على المستفتي إذا تعارضت الفتاوى: أنْ يأخذَ بفتوى الأعلم من المفتين، فإنْ تساووا أخذَ بقول الأتقى والأورع، فإنْ جهل الأعلمَ أو الأورعَ