للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ـ ... ومن السنة قوله صلى الله عليه وسلم: «كنت نهيتكم عن ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاث فأمسكوا ما بدا لكم»، وفي رواية: «فكلوا وادخروا» (أخرجه مسلم).

ـ ... وقوله صلى الله عليه وسلم: «كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها» (أخرجه مسلم)، ولم يقل أحد بوجوب زيارة القبور، وإنما قالوا باستحبابها للرجال؛ لقوله في آخر الحديث: «فإنها تذكركم الآخرة».

٢ ـ العرف اللغوي:

فإن أهل اللغة متفقون على أن السيد لو قال لعبده: لا تأكل هذا الطعام، ثم قال له: كل، لم يكن هذا إيجاباً يستحق على تركه العقوبة، وكذلك إذا قال لمن طرق الباب: ادخل، فإنه ليس إيجاباً للدخول، وإنما هو إذن فيه.

القول الثاني: إن الأمر لا تختلف دلالته بعد الحظر عن دلالته لو لم يسبق بحظر، وهذا مذهب أكثر الفقهاء والمتكلمين (١). ولكن الفقهاء يقولون: يبقى على الوجوب، وكثير من المتكلمين يقولون يبقى على الاستحباب؛ بناء على قولهم في أصل دلالة الأمر المطلق.

دليل هذا القول:

١ - أن الأمر الواقع بعد الحظر يكون ناسخاً له، وقد ينسخ التحريم بالإيجاب أو الإباحة أو الندب وإذا احتمل المعاني الثلاثة فالأصل حمله على معناه الأصلي وهو الوجوب عند الجمهور.

٢ - قياس الأمر بعد الحظر على النهي بعد الأمر فكما أن النهي إذا جاء بعد الأمر يحمل على التحريم الذي هو معناه قبل سبقه بالأمر فكذلك الأمر بعد الحظر، يحمل على الوجوب.


(١) البحر المحيط ٢/ ٣٧٨ وروضة الناظر ٦١٢.

<<  <   >  >>