ومثلوه بالنهي عن بيع الكلب. والنهي عن بيع النجاسات.
ب ـ النهي عن الشيء لوصف ملازم له، وهذا فيه الخلاف بين الحنفية والجمهور، كالنهي عن البيوع الربوية وبيوع الغرر.
ج ـ النهي عن الشيء لأمر خارج، مثل النهي عن الغصب هل يقتضي فساد الصلاة في الدار المغصوبة؟ وهل يقتضي بطلان صلاة المتوضئ بالمغصوب؟ وبعضهم يمثله بالنهي عن البيع بعد نداء الجمعة الثاني وقالوا: إن الخلاف في القسم الثاني. دون الأول والثالث.
والظاهر أن الخلاف جارٍ في القسمين الأخيرين، وأما القسم الأول فقد اتفقوا على أنه يقتضي البطلان. ولكن الإشكال يحصل في حد المنهي عنه لعينه، فإنهم لم يذكروا له حداً يتميز به، ولهذ فإنهم يختلفون عند التطبيق، فقد يقول قائل إن الربا منهي عنه لعينه، وينازعه الآخر ويقول، بل هو منهي عنه لوصفه.
وهذه المسألة ذات صلة وثيقة بمسألة أخرى من مسائل الأمر وهي أن الأمر هل يتناول المكروه؟ وقد يعبّر عنها بعضهم بقوله: هل المكروه مأمور به؟ فيحدث هذا التعبير إشكالاً عظيماً عند الدارسين؛ إذ يقول أحدهم: إذا كان المباح ليس مأموراً به فكيف يكون المكروه مأموراً به؟
وحقيقة الأمر أن مرادهم بذلك: أن المكلف إذا فعل المأمور به على صفة فيها كراهة، فهل يقبل منه ويجزئه، حتى نقول فَعَلَ المأمور به؟ ويعنون بالكراهة هنا ما يشمل كراهة التحريم وكراهة التنزيه كما تدل عليه أمثلتهم، فإنهم يمثلونها بالطواف منكساً، وبالصلاة مع رفع البصر، والصلاة في الأماكن المنهي عن الصلاة فيها كالمقبرة ونحو ذلك.
وفي تقديري أنه ينبغي التفريق بين المسألتين: مسألة اقتضاء النهي الفساد، ومسألة تناول الأمر للمكروه.