فإما إمكانه عقلا فإن العقل لا يمنع أن يخبر النبي صلى الله عليه وسلم بنسخ حكم نزلت في إثباته آية.
وأما الوقوع فمثلوه بآية الوصية للوالدين:{كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ}[البقرة١٨٠] نسخت بحديث: «لا وصية لوارث»(رواه الخمسة إلا النسائي عن أبي أمامة ـ - رضي الله عنه - ـ). واستدلوا بقوله تعالى:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}[الحشر٧].
وأجابوا عن استدلال الشافعي بالآية السابقة، بأن قوله:{نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا}[البقرة١٠٦] لا يلزم منه أن يكون الناسخ قرآنا، وإنما المراد الخيرية للمكلفين، أي: نأت بحكم هو خير من الحكم المذكور في الآية للمكلفين.
وعلى الرغم من أن ظاهر الآية يؤيد ما ذهب إليه الشافعي، إلا أن الأكثر تأولوها.
والذي يظهر عدم الوقوع وإن كان ممكنا عقلا، والشافعي إنما قصد امتناعه في الوقوع لا في العقل.
وما ذكروه من أمثلة محتمل؛ لأن آية الوصية للوالدين منسوخة بآيات المواريث، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن نسخها بآيات المواريث فقال:«إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث»(رواه الخمسة إلا النسائي).
أما نسخُ القرآن بالسنة الآحادية فالجمهور على منعه، وقد نقل إمامُ الحرمين الإجماعَ على ذلك، فقال: «أجمع العلماء على أن الثابتَ قطعاً لا ينسخُه مظنونٌ؛ فالقرآنُ لا ينسخُه الخبرُ المنقولُ آحاداً، والسنة المتواترة لا