للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ـ وذهب بعض العلماء إلى أن الحجة في إجماع الصحابة وحدهم وهو رواية عن الإمام أحمد، ومذهب الظاهرية (١).

واحتجوا بأن ما يحكى من إجماعات بعد عهد الصحابة غير صحيح؛ إذ لا يمكن جمع آرائهم في مسألة واحدة مع تفرقهم في الأمصار، ولذا نقل عن الإمام أحمد أنه قال: «من ادعى الإجماع فقد كذب، لعل الناس قد اختلفوا» (٢).

٣ـ وذهب النظام وطوائف من الرافضة إلى أن الإجماع ليس حجة. فأما النظام فحجته عدم تصور وقوعه، ولو تصور لم يتصور نقله إلينا بطريق صحيح متواتر، والآحاد لا يعتبر عنده. وأما الروافض فلأن الحجة عندهم في قول الإمام المعصوم دون غيره فإن كان في عصر الأئمة المعروفين لم يعتبر قول غيره، وبعدهم لا حجة في قول أحد حتى يأتي الإمام المعصوم الذي يزعمون أنه اختفى في سرداب وأنه الإمام المنتظر.

وإذا أطلق أحد منهم حجية الإجماع في عصر الصحابة أو التابعين وتابعيهم فهو من باب التعمية على الناس؛ لأن العلماء إذا وافقوا إمامهم فالحجة عندهم في قوله وبقية العلماء تبع، وإن خالفوه فلا إجماع والحجة في قوله وحده (٣).

فأما قول منكري الحجية مطلقا فظاهر البطلان؛ لأنهم عولوا على عدم إمكانه وقد بينا أنه ممكن في القديم والحديث، واحتجوا بعدم إمكان نقله متواترا، وعند الجمهور لا يشترط التواتر لنقله بل يكفي فيه خبر الآحاد.

ثم لو اشترط فهو ممكن كما تواتر نقل اتفاق النصارى على صلب المسيح


(١) الإحكام لابن حزم ٥٠٨ - ٥٠٩.
(٢) العدة لأبي يعلى ص ١٠٥٩.
(٣) نبه على هذا إمام الحرمين في البرهان ٦٧٦.

<<  <   >  >>