والدليل على حجية قول الصحابي إذا لم يعلم له مخالف من الصحابة، من وجوه:
أ ـ ... قول الرسول صلى الله عليه وسلم:«خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم»(أخرجه البخاري ومسلم).
فهذه شهادة لهم بالفضل على من سواهم، وهي تقتضي تقديم اجتهادهم على اجتهاد غيرهم.
ب ـ أن قول الصحابي الذي لم يعلم له مخالف يحتمل أن يكون نقلا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقدم على الرأي المحض.
ج ـ أن الصحابة شاهدوا الرسول صلى الله عليه وسلم وحضروا نزول الوحي وهم أعرف الناس بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فلا بد أن يكون قولهم مقدما على قول غيرهم.
وأما الذين رأوا عدم الحجية فقد استدلوا بعدة أدلة منها:
أ ـ أن الصحابة غير معصومين من الخطأ إذا لم يجمعوا، وقول من لم تثبت عصمته لا يكون حجة.
ب ـ أن التابعين قد أثر عنهم مخالفة آحاد الصحابة، ولو كان قول الصحابي حجة لما صحت مخالفته من التابعي، ولأنكر الصحابي على من خالفه من التابعين، وإذا جاز للتابعي مخالفة الصحابي جاز لغيره ذلك.
والراجح: أن مذهب الصحابي وحده لا يعد حجة إلا إذا غلب على الظن اشتهاره بين الصحابة وعدم إنكاره، كأن يكون من الخلفاء الراشدين الذين هم في موضع القدوة لغيرهم، أو كانت المسألة مما يكثر وقوعه وتعم به البلوى.