للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولما ألف الإمام الشافعي إبطال الاستحسان والرسالة وغيرهما من كتبه اضطر علماء الحنفية للدفاع عن إمامهم فلم يبحثوا عن أدلة تؤيد الاستحسان الذي أنكره الشافعي، وإنما لجأوا إلى تفسير الاستحسان الذي عمل به إمامهم بما لا يجعله مجرد ميل نفسي لا يمكن إقامة دليل عليه، أو «دليل ينقدح في ذهن المجتهد يعسر التعبير عنه» (١)، كما فسره بذلك بعضهم.

ولهذا عرف الحنفية الاستحسان بأنه: كل دليل في مقابلة القياس الظاهر (٢). أو أنه: ترك القياس والأخذ بما هو أوفق للناس (٣).

وجعله السرخسي في أصوله نوعين رئيسين هما:

١ - العمل بالاجتهاد وغالب الرأي في تقدير ما لم يقدره الشارع، كالنفقة والمتعة.

٢ - الدليل الذي يكون معارضا للقياس الظاهر الذي تسبق إليه الأوهام قبل إنعام التأمل فيه، وبعد إنعام التأمل في حكم الحادثة وأشباهها من الأصول يظهر أن الدليل الذي عارضه فوقه في القوة (٤).

ومما ذكروه في تعريف الاستحسان وأنواعه وأمثلته يتبين أنه ليس بدليل مستقل، وإنما هو راجع إلى أحد الأدلة الأخرى، أو أنه ترجيح لدليل على دليل آخر.


(١) المستصفى ١/ ٢٨١.
(٢) التحرير مع شرحه التيسير ٤/ ٧٨، وفواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت ٢/ ٣٢٠، مطبوع بذيل المستصفى.
(٣) المبسوط ١٠/ ١٤٥.
(٤) أصول السرخسي ٢/ ٢٠٠.

<<  <   >  >>